لعينيك هذا الجمال....عيدو كنعان

ولا تهجُريني...فإنّا لبسْنا العذابَ....
وزدْنا عليه انتظارَ السّنيْن .
ولا تخذُليني ...
فإنّي هجرْتُ لأجلِكِ كلَّ الأقاربْ ،
وأحرقْتُ كلَّ المراكبْ ،
ولمّا أفقْتُ على دغدغاتِ النّسيمِ :
وجدْتُ يدي تستريحُ بشعرِكْ ،
وتلهو بنحرِكْ .
ويمتدُّ خيطٌ إلى نجمةِ الصّبحِ...
يرقبُ هذا الأفولَ ،
يحاولُ ربطَ النّجومِ ، فيلغيْ النّهارَ .
وأنتِ الّتي تملأُ الكونَ عطراً وسحراً :
بدونِكِ هذي القصيدةُ قصرٌ بلا ساكنينَ ،
وطيرٌ يحلّقُ فوقَ امتدادِ البحورِ البعيدةْ .
وأنتِ الّتي تملأُ الكونَ زهراً وشعراً :
بدونِكِ هذي الحياةُ شراعٌ ،
تناثرَ بينَ المياهِ ....
وبينَ جنونِ الرّياحِ العنيدةْ .
وقلبي يسافرُ في مقلتيْكِ ....
يفتّشُ عنْ سرِّ هذا الجمالِ ....
ولغزِ اختفاءِ البواخرْ .
وكيفَ يعتَّقُ خمرُ الكرومِ ؟
وينسابُ عبَر الشّفاهِ السّكارى ،
وكيفَ تكونُ القصيدةُ عشقاً وشعراً .
لعينيكِ هذا الجمالُ...
امتدادُ البحورِ....وشجوُ السّواقي ...
وهمسُ البيادرِ للقادمينَ .....
وبوحُ العذارى على ترعةِ الماءِ....
أحلى الحكايا الخجولةْ .
لعينيكِ هذا الجمالُ .....
أغارُ منَ الكحلِ والميلِ ،
أنْ يلمسَ السّحرَ فيها ،
أغارُ منَ المشطِ يلهو بليلِ الجدائلْ .
أغارُ منَ الثّوبِ :
حينَ يضيقُ على حلمتَيْنِ .....
وحينَ يداعبُ جسماً كريشِ النّعامْ .
أغارُ وأحسدُ كلَّ الفناجينِ ....
تسرقُ لونَ الشّفاهِ فتسكرْ .
وحينَ تصيرُ الحياةُ عناقاً ،
وموزاً وشهداً ولوزاً وسكّرْ .
لعينيكِ هذا الجمالُ....
ففيها يذوبُ الحبيبُ ويحيا ،
وتفنى مجاديفُهُ الباليةْ .
وبينَ حنينِ الوصالِ ومرِّ الفراقِ :
يعودُ مسجّىً على دفّةٍ طافيـةْ .

* * * * *