ليلة على سفينة نوح.....عيدو كنعان

لمْ تكتبي شيئاً.....
عن الحبِّ الّذي ما عادَ يجمعُنا ،
هلْ كانَ نزوةَ شاعرٍ
نامتْ على كتفِ الطّريقْ ؟
أنا ما نسيتُكِ .....
مذْ ركضْنا خلفَ دولابِ الهواءِ ،
فكمْ قطفْنا منْ زهورِ الأقحوانِ ......
وكمْ تقصّدْتِ النّهايةَ ...لا أُحبّكَ....
فافترقْنا.... والدّروبُ تضيقُ في ما بينَنا ،
عشقُ الصّغارِ.... وكلُّهُ زعلٌ بلا سببٍ ،
و دوخاتٌ بلا عنبٍ ....
وأحلامٌ تهاجرُ في حدودِ الغيبِ والمطلقْ .
وبقيتِ ما بينَ انكسارِ الوقتِ.....
والزّمنِ المهاجرِ في دمي ....تتوسّلينَ...
وفي لهاثِكِ ألفُ اِمرأةٍ تفجّرَ ماؤُها...
والغيمُ كانَ يعاقرُ الأنثى ....
ويهطلُ فيكِ فرساناً ،
وأحصنةً من البلّلورِ لا تُسرَجْ .
لا تُسرفي في القتلِ هذا النّصلُ ملَّ رقابَنا .
الكونُ أوسعُ منْ يديكِ.....
فحاولي أنْ تزرعي الشّباكَ....
كيْ تسقيهِ ،حينَ تُكابرينَ برؤيَتي.....
وأنا أفتِّشُ في عيونِكِ عنْ وطنْ...
فالعينُ أقربُ ما تكونُ إلى الوطنْ .
لا تُغلِقي الأبوابَ ....
ثمّةَ منْ يفتّشُ في جديلتِكِ الطّويلةِ ...
عنْ أمانْ ،
فالموتُ أصبحَ لعبةَ الأحبابِ ....
حينَ تُحبُّ :
تنتحرُ الدّلافينُ العظيمةُ .....
كيْ تعيشَ على محبّتِها النّوارسْ .
الحبُّ ذاكرةُ القصيدةِ .....
وامتزاجُ البوحِ فيها بالشّجنْ .
الحبُّ معركةٌ تحرِّكُها القلوبُ .....
وتنتهي فيها وينتصرُ الزّمنْ .
يومَ استعارَ الغيمُ أجنحةَ العُقابِ ،
ليرتمي في صدرِكِ المهجورِ ...
أسئلةً و قمحاً ،
هلْ كنتِ تشتعلينَ حينَ استنْزفوكِ
موائداً للعُريِ ،
واغتسلوا بماءِ حيائِكِ الأغلى ؟ !
ما كانَ أسهلَ منْ سقوطِكِ ....
عندَ أوّلِ مرفأٍ...
نامتْ بهِ شفتاكِ منْ بعدِ السّفرْ .
لنْ تُفلتي منْ قبضةِ الماضي ...
فأعيُنُهم تُفتِّشُ فيكِ عنْ جسدٍ ...
يعيشُ على أنوثتِهِ الجرادُ ....
وتبتني فيهِ العناكبُ ....
والحمامُ يحيكُ بيضاً منْ ذهبْ .
الأرضُ تبتلعُ الجهاتِ وتقتلُ الأحلامَ فينا ,
الأرضُ تلكَ الدُّميةُ المسمومةُ الملساءُ ...
تلكَ الذّئبةُ ال سهرتْ على وجعِ القطيعْ ,
ضاقتْ بنا ......
فتفجّرتْ خيلاً وتيجاناً من الخشخاشِ ،
عمّالاً منَ الأفيونِ و السّيدا ،
فالدّربُ أطولَ صارَ ما بينَ الرّعيةِ و الإلهْ ،
وهما الصّديقانِ اللّذانِ تعاهدا أنْ يحلُما ...
في غفلةِ الذّئبِ الملطّخِ بالدّماءْ .
أ لأنَّ هذا الجرحَ يفصلُنا ،
سنبتلعُ السّكاكينَ المميتةْ ؟
أ لأنَّ هذا الحلمَ يصفعُنا ،
سنعلنُ توبةَ الغرقى ؟
لِمَ كلُّ هذي الأنبياءِ تحومُ في آفاقِنا ؟
أوَلمْ يعدْ في الأرضِ إلاَّ نحنُ ،
كفّاراً ومرتدّينَ في نظرِ الإلهْ ؟
حينَ استقرَّ البحرُ ....
كانَ اللّيلُ يخنقُ لهفةَ المشتاقِ ،
للبرِّ المسافرِ كالجزرْ .
لماّ أقمْنا الفلكَ :
لمْ نعلمْ بأنَّا قدْ صنعْنا حتفَنَا .
حينَ استويتَ على السّفينةِ :
لمْ تقلْ يا نوحُ :
إنّا في النّهايةِ سوفَ تجمعُنا الهزيمةْ .
يا نوحُ أهلُكَ هؤلاءِ .. فلا تدعْهُم ،
إنّ حكمَكَ منْ زبدْ.
ويداكَ داميتانِ .....
هرّبَتا غرابَكَ عنْ بحارٍ منْ سرابْ .
تسعونَ قرناً والنّشيدُ بمسمعي :
يا نوحُ لا تقلعْ ،
فأهلُكَ حينَ تقتُلُهم :
ستطلبُ دمعَهُم يوماً......
ستحتاجُ البكاءَ عليكَ ،
لا يا نوحُ لا تقلعْ , فهذا الغيمُ عاقرُ ،
و العزيزُ يوزِّعُ الحرّاسَ والقَتَلَةْ .

* * * * *
أقلعْ فإنَّ البحرَ قصدُكَ والنّهايةُ ،
والإلهُ قدِ انتهى منْ صنعِ نعشِكْ .